النظام السياسي هو الطريقة التي يتم بها توزيع السلطة وتحديد العلاقة بين الهيئة التشريعية التي تتمثل في البرلمان التي تختص بسن القوانين والهيئة التنفيذية التي تختص بتطبيق القوانين والتي تتمثل في كل من رئيس الجمهورية والحكومة ويصنف علماء السياسية النظم السياسية المعمول بها الى ثلاث أنظمة .
فإذا تم الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فإن شكل النظام يكون رئاسياً كما في الولايات المتحدة أما إذا تم الدمج بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فإن النظام يكون برلمانياً كما في بريطانيا وفي حالة الأخذ ببعض مميزات النظام الرئاسي وبعض مميزات النظام البرلماني فإن النظام الناتج يطلق عليه تسمية النظام شبه رئاسي كما في فرنسا وسويسرا .
النظام الرئاسي أو نظام السلطة المطلقة يسمى كذلك لأن الرئيس هو المسئول الوحيد كونه منتخباً من الشعب والوزراء مسئولون سياسيا أمامه فقط وليسوا مسئولين أمام البرلمان .
وتعتبر الولايات المتحدة الامريكية حاضنة لهذا النظام وقد انتهجته منذ وقت طويل ولكن النظام الرئاسي الأمريكي صمم بطريقة تمكن كل سلطة من السلطات من الحد من قدرة السلطتين الأخريين على اتخاذ القرارات على نحو منفرد فنجد أن السياسات التي يقترحها الرئيس في الولايات المتحدة لا بد من موافقة الكونجرس عليها وإصدارها على شكل قوانين ولا يخرج قانون من الكونجرس حتى يقره مجلسا الكونجرس (النواب والشيوخ) بنفس الصيغة ولا
يصبح القانون نافذا حتى يتم الموافقة عليه من الرئيس وكون النظام الرئاسي يتميز بأنه يقوم على مبدأ فصل السلطات فان السلطة القضائية في الولايات المتحدة الأميركية تتمتع بحق إلغاء القوانين التي يسنها الكونجرس والقرارات التي يصدرها الرئيس إذا وجدت أنها مخالفة للدستور وتتألف السلطة التنفيذية في هذا النظام من الرئيس فقط الذي يعمل كرئيس للدولة وللحكومة في الوقت ذاته فليس هناك رئيس وزراء والرئيس هو الذي يشكل الحكومة ويكون الوزراء مسئولين أمامه ولا يمكن في النظام الرئاسي الجمع بين عضوية أكثر من سلطة في نفس الوقت ومن هنا لا يمكن أن يكون أحدهم نائبا في البرلمان ووزيرا في نفس الوقت كما لا يستطيع الرئيس حل البرلمان و لا يستطيع البرلمان إسقاط الرئيس إلا في حالة الخيانة العظمى .
ومن الأمور التي تؤخذ على النظام الرئاسي اعطاء مساحات واسعة من القوة في يد الرئيس و ما يترتب على ذلك من مشاكل حيث يفرز نظاما يأخذ فيه الفائز بكرسي الرئاسة كل شي وهو بالتالي لا يسمح بتمثيل مختلف الجماعات الموجودة على الساحة ويؤدي إلى تركيز السلطة وخصوصا إذا تم تبنيه في دولة غير فدرالية وعندما يكون هناك حزب واحد فقط يسيطر على الحياة السياسيه ايضاً اذا اختار الشعب رئيس من حزب ما وانتخب مجلس اغلبه احزاب معارضه فهذا قد يؤدي الى شلل الحياة السياسية وعدم القدرة على اتخاذ اي قرارات او احداث سياسات واسعة و تجديدية بصورة ثورية وعلى الجانب الاخر فالنظام الرئاسي يعطي فرصة للرئيس المنتخب ان ينظر لمصلحة الدولة على المدى الطويل وان يتحرر من سيطرة حزبه نسبياً والتركيز فى امور الحكم وقد يفكر الرئيس على المدى المتوسط والبعيد في سنواته الأولى و يتجاهل بعض قضايا المدى القصير الملحه .
اما في النظام البرلمانى فرئيس الوزراء هو السلطة الحقيقية وفيه يتم دمج السلطتين التنفيذية والتشريعية معا و ينسب هذا النظام الى بريطانيا كونه نشأ فيها وهوالأكثر انتشارا في العالم حيث يتعدى عدد الدول التي تعمل به عشرون دولة مثل كندا واستراليا ونيوزلندا والهند وهي مستعمرات بريطانية سابقة إضافة الى دول أخرى تنتهج هذا النظام مثل اليابان والدانمرك والنرويج والسويد وهولندا وفي النظام البرلماني عادة مايكون رئيس الوزراء أو رئيس الحكومة أو المستشار كما يسمى في الدول الأوروبية عضوا في البرلمان ورئيس الحزب صاحب الأغلبية يشكل حكومة ائتلافية ويختاروزارئه في أغلب الأحيان من بين أعضاء حزبه في البرلمان أو من أعضاء الأحزاب المؤيدة له وتتوزع السلطة التنفيذية في هذا النظام على رئيس الدولة ورئيس الحكومة فرئيس الدولة رئيسا أو ملكا عادة ما يمارس سلطات اسمية ورمزية ورغم هذا فان الأنظمة البرلمانية لا تتعامل جميعها بنفس الطريقة مع الرئيس حيث تختلف مهامه حسب طبيعة اختياره فاذا تم انتخابه بطريقة مباشرة من الشعب فإن ذلك يعني أن الرئيس يتمتع بسلطات فعلية كما في النمسا أما إذا كان الرئيس منتخبا بطريقة غير مباشرة أي من قبل البرلمان أو من مؤسسات أخرى فإن مهامه تصبح محدودة كما هو الحال في الهند وألمانيا وتبقى ممارسة السلطة بطريقة فعلية لرئيس الوزراء أورئيس الحكومة وللوزراء الذين يقومون بتدبير وتسيير الشؤون العامة وتعتبر الحكومة مسئولة أمام البرلمان فاذا أخطات يترتب عن هذا إمكانية سحب الثقة منها من قبل البرلمان ولتفادي هذا يلجأ الوزراء الذين اخطئوا الى تقديم استقالاتهم ويرى فقهاء القانون الدستوري أن الأنظمة البرلمانية تساعد في الحفاظ على تماسك الدول التي يتصف تركيبها السكاني بالتعددية العرقيه والمذاهب وتعدد القبائل وذلك من خلال قدرتها على تمثيل مختلف الفئات الاجتماعية في العملية السياسية وبالتالي الحفاظ على الاستقرار السياسي اما سلبيات هذا النظام تتمثل فى إنه قد يركز السلطات في يد رئيس الوزراء كما أن الرقابة قد تضعف في حالة وجود انضباط حزبي قوي وقد يؤدي هذا النظام إلى صعوبة في اتخاذ القرار وإلى إضعاف الحكومة في حالة التحالفات المعقدة والى عدم الاستقرار السياسي في حالة تعدد الأحزاب داخل البرلمان وعدم حصول أي منها على الأغلبية .
اما النظام شبه الرئاسي فهو نظام خليط بين النظام الرئاسي و البرلماني ويكون فيه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء شريكان في تسيير شؤون الدولة ويختلف هذا النظام عن النظام البرلماني في أن رئيس الجمهورية يتم اختياره من قبل الشعب ويختلف عن النظام الرئاسي في أن رئيس الوزراء مسؤول أمام البرلمان ويمكن للبرلمان محاسبته وسحب الثقة منه وقد نشا هذا النظام في أحضان النظام البرلماني حيث اتجهت بعض النظم البرلمانية المعاصرة إلى تقوية السلطات الضعيفة لرئيس الدولة التي تمارسها عنه الحكومة وقد بدأ في فرنسا بدستور 1958 حيث تم العمل لأول مرة بنظام يسيطر فيه الجهاز التنفيذي و أصبحت لرئيس الجمهورية سلطات واسعة فاقترب النظام الفرنسي الذي هو برلماني من النظام الرئاسي و سمي ما وقع بالنظام شبه الرئاسي وينسب للرئيس الفرنسى شارل ديجول تجسيد الفكرة حيث وضع دستور جديد عرضه على الاستفتاء الشعبي عام 1958 وكان ديجول يرى أن نظام الأحزاب تسبب في فشل الدولة وهذا ما يستدعى منه إصلاح مؤسسات الدولة وتم ذلك على مراحل بداية بدستور عام 1958 حتى عام 1962 حيث تم انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب قوة رئيس الجمهورية في هذا النظام تكون بقوة الأغلبية التي يحصل عليها والتي تقاسمه نفس التوجه وقد وصلت قوته الى أنه يقيل الحكومة رغم أن الدستور لا يخول له ذلك نصا ً وعلى التوازى يحافظ هذا النظام على قوة الحكومة التي تنبع هي أيضاً من الأغلبية البرلمانية وقد استمر النظام شبه الرئاسي في فرنسا على هذا الحال في الستينات والسبعينات ومنتصف الثمانينات لكن تم إنهاء هذه الازدواجية عندما فقد الرئيس فرانسوا متيران الأغلبية اليسارية التي ينتمي إليها في الجمعية العمومية (البرلمان) عام 1986 وهذا ما اجبره على اختيار رئيس وزراء من اليمين هو جاك شيراك فيما ما عرف بــ حالة التعايش وفي مثل هذه الحالة التي لايحصل فيها الرئيس على الأغلبية يفقد صلاحياته ويترك بعضها للحكومة التي تكون صاحبة المبادرة وتواجه مصيرها مع البرلمان ومن ايجابيات النظام الشبه الرئاسي هو إعطائه الحكومة حق إصدار القرارات التي لها فاعلية القوانين بشرط موافقة رئيس الجمهورية عليها و منحها أيضا الحق في اقتراح القضايا التي يجب مناقشتها في مجلس الشعب ويعطي هذا النظام الحق لرئيس الجمهورية في حل مجلس الشعب ومن جهة ثانية يمكن للمجلس أن يسحب الثقة من رئيس الوزراء أومن أي وزير آخر كما يعطي لرئيس الجمهورية الحق في فرض قانون الطوارئ والحق في استفتاء الشعب في القضايا الهامة ويعطي للحكومة حق إصدار قرارات لها فاعلية القوانين بشرط موافقة رئيس الجمهورية على ذلك كما يعطيها الحق في اقتراح القضايا التي يجب مناقشتها في مجلس الشعب وتكون المرجعية الدستورية في هذا النظام لمجلس دستوري له صلاحية مراقبة مدى تطابق القوانين الصادرة من كافة مؤسسات الدولة وتتمثل سلبيات هذا النظام قى العائق الأكبر الذي يواجهه عندما تتصادم مصالح رئيس الجمهورية مع مصالح رئيس مجلس الوزراء الذى يمثل الأغلبية في البرلمان وهذا ما عرف بالتعايش فى فرنسا و الذي لا يتم سوى بإتفاق رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وتفاهمهما لإنجاح سياسة تسيير أمور الدولة ومن المشاكل التي قد تنجم عن هذا النظام إستخدام رئيس الجمهورية لحقه في اعلان حالة الطوارئ لسنوات طويلة وإساءة استخدامه لحق الاستفتاء وبعض هذه الحالات سائدة في كثير من الدول الآن .
ويرى المحللون السياسيون ان لكل نظام من هذة الانظمة له عيوب ومزايا وان نجاح كل نظام او فشله يخضع لعناصر عديدة منها طبيعة الشعب وطريقة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وكذلك الخريطة السياسية للبلد وثقافة الشعب والتحديات التي تواجه الدولة سواء كانت سياسية أو إجتماعية أو أمنية وكذلك إقتصادية ولذلك ليس من الضرورة ان احدهم هو الافضل. مصرنا الرائعه على مشارف انتخابات رئيس الجمهوريه فأي من الانظمة يرضي طموح المصريين في اول رئيس بعد ثورة 25 يناير الثورة البيضاء ام مصر تحتاج الى رئيس 3 نظام .
إرسال تعليق